لماذا لا نكتب بالعربية
بعد اقتضاب سريع فى النظر على المواقع الصومالية للوقوف على اخر المستجدات،خرجت من البيت هاربا صراخ العيال وأنانيتهم فى تمللك الاشياء وخصام الزوجة وبناتها والفصل بين كل هذه النزاعات شبه اليومية والشجار المستمرالذى أحل المودة والرحمة، وكثيرا ما يسبب هذا الأمرضغوظا نفسية عند الأزواج فى هذه الديار من الغربة وبين هذه الجدران الأربعة من بيوت العناكب فى لندن. هذا الوضع دائما ما يذكرنى بشرح أحد أساتذتى للدعاء المشهور (ربنا اتنا فى الدنيا حسنة وفى الاخرة حسنة) حيث كان يشرح بأن من بين الحسنة المقصودة فى هذا الدعاء هى الدار الواسعة، ولكن وقتها لم نكن نعطى لها بالا حتى جئنا ديار الغربة فضاق البيت وانتشر القلق فازداد الطلاق.
اتجهت صوب المقهى الصومالى المجاور لأسلى نفسى بعض الشئ حتى أستجم قليلا قبل الجولة الثانية من كفاح البيت وكان يدور فى خلدى سؤال تمخض من جراءاطلاعى على تلك المواقع الصومالية وتجردها من كتابة أية أ سطر باللغة العربية. فتساء لت أليس الصوماليون عربا حتى ولو بالعضوية فى جامعة الدول العربية! فلم هذا الجفاء لهذه اللغة؟ ولماذا لا يكتبون بها؟
وما ان بدأت لأن أحتسى كوبا من الشاى حتى انطلقت شرارة الحديث المفضل بين الصومالين والذى لا يحتاج الى عناء فكر او اجتهاد باحث و يجيده كل واحد منا الا وهو حديث السياسة. فكأنهم من عشاق برنامج (السياسة بين السائل والمجيب) من بى بى سى العربية. فخاض الجميع فى الادلاء برأيه فى شتى الموضوعات السياسية المختلفة محللين الاوضاع ومنبئين بما ستوؤل اليه فى المستقبل القريب والبعيد حتى عرج بهم النقاش الى الحديث عن أصل الصومالين أهم عرب ام لا. فقلت عجبا!. أهذا من باب مصادفة الاقدار وأنا الذى كنت للتو احدث نفسى عن هذا الموضوع .فأصغيت اليهم فلربما ستنخفض حدة النقاش هذه المرة حيث أن هذا الموضوع متميز ويحتاج على الاقل الى من له المام بالتاريخ أ و بعلم الانساب على أقل تقدير. وخيب ظنى بعد أن شاهدت ذا العقد السادس من عمره يدخل فى جدال حاد مع ذى العقد الثانى من حياته ولم تتمالك البقية فأخذوا يتجاذبون اطراف الحديث دون الاشارة الى مراجع علمية أوأصول معرفية. كل بما تسعفه قريحته الا ان النتيجة فى النهاية كان شبه اجماع على أن اصل الصومالين من العرب وان كنت لم أصادف يوما واحدا ما يقوى هذا الادعاء منهم بالقراءة على الاقل ما له اتصال بالعربية باستثناء كتاب الله وبعض الكتب من الادعية المأثورة. ولكن الخلاف كان منصبا هذه المرة حول جزئيات هذا الانتماء بمن تعود أصوله الى الحسين أو من تنتهى ارومته الى الحسن او من انحدر من العراق او من ينتهى عند العقبة فى الاردن.
أيا كانت الرواية، فقد ولد فى نفسى تساؤل و الذى ادى الى كتابة هذه الاسطر ويتمثل فى هذا الانفصام بين المجتمع الصومالى واللغة العربية. فان كان الحضور، وان لم تكن عينة علمية، يتفقون فى كوننا ننحدر من اصول عربية، فلماذا نجافى دوما وننظر نظرة دونية لكل له ما له علاقة بهذه اللغة الجميلة ونستعلى من الكتابة بها.
ان المتصفح للمواقع الصومالية يجابه مزيجا من المقالات المكتوبة بالصومالية والانجليزية وانعداما تاما من اية اشارة الى مكتوب بالعربية رغم ان هذا المجتمع يئن بمثقفين من الجيل القدامى الذين درسوا باللغتين والجيل الحاضر الذين ارضعوا بلبان هذه اللغة وبالذات من ارض الصومال التى تزخر بالمدارس العربية والاسلامية زهاء بضع وعشرين سنة منذ سقوط دولة ما كان يعرف بالصومال، ومع ذلك فليس هناك من انبرى للكتابة بلغة الضاد.
ترى ما هى الاسباب؟ أسياسية هى ام اجتماعية ام عوامل أخرى تعود الى عوامل تاريخية ونفسية! هذا ما سأحاول أن أسلط الاضواء عليه فى الخواطر القادمة.
عمر على
لندن
Cumarcali74@yahoo.com